نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 63
قوله تعالى: وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ تقديره: واذكروا إذ نجيناكم، وهذه النعم على آبائهم كانت. وفي آلِ فِرْعَوْنَ ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم أهل مصر، قاله مقاتل. والثاني: أهل بيته خاصة، قاله أبو عبيدة. والثالث: أتباعه على دينه، قاله الزجاج. وهل الآل والأهل بمعنى، أو يختلفان؟ فيه قولان.
وقد شرحت معنى الآل في كتاب «النظائر» . وفرعون: اسم أعجمي، وقيل: هو لقبه. وفي اسمه أربعة أقوال: أحدها: الوليد بن مصعب، قاله الأكثرون. والثاني: فيطوس، قاله مقاتل. والثالث: مصعب بن الريان، حكاه ابن جرير الطبري. والرابع: مغيث، ذكره بعض المفسرين. قوله تعالى: يَسُومُونَكُمْ، أي: يولونكم، يقال: فلان يسومك خسفاً، أي: يوليك ذلاً واستخفافاً. وسُوءَ الْعَذابِ: شديده.
وكان الزجاج يرى أن قوله: يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ تفسير لقوله: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ، وأبى هذا بعض أهل العلم، فقال: قد فرق الله بينهما في موضع آخر، فقال: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ [1] ، وإنما سوء العذاب: استخدامهم في أصعب الأعمال، وقال الفرّاء: الموضع الذي فيه الواو، يبين أنه قد مسهم من العذاب غير الذبح، فكأنه قال: يعذبونكم بغير الذبح وبالذبح.
قوله تعالى: وَيَسْتَحْيُونَ، أي: يستبقون نِساءَكُمْ، أي: بناتكم. وإنما استبقوا نساءكم للاستذلال والخدمة. وفي البلاء هاهنا قولان: أحدهما: أنه بمعنى النعمة، قاله ابن عباس ومجاهد وأبو مالك، وابن قتيبة والزجاج. والثاني: أنه النقمة، رواه السدي عن أشياخه. فعلى هذا القول يكون «ذا» في قوله تعالى: ذلِكُمْ: عائداً على سومهم سوء العذاب، وذبح أبنائهم واستحياء نسائهم، وعلى القول الأول يعود على النجاة من آل فرعون. قال أبو العالية: وكان السبب في ذبح الأبناء، أن الكهنة قالت لفرعون: سيولد العام بمصر غلام يكون هلاكك على يديه، فقتل الأبناء. قال الزجاج: فالعجب من حمق فرعون، إن كان الكاهن عنده صادقا، فما ينفع القتل؟! وإن كان كاذبا فما معنى القتل؟!
[سورة البقرة [2] : آية 50]
وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)
قوله تعالى: وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ، الفرق: الفصل بين الشيئين، و «بكم» بمعنى «لكم» . وإِنما ذكر آل فرعون دونه، لأنه قد علم كونه فيهم. وفي قوله تعالى: وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ، قولان: أحدهما:
أنه من نظر العين، ومعناه: وأنتم ترونهم يغرقون. والثاني: أَنه بمعنى: العلم كقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ [2] ، قاله الفراء.
(الاشارة إِلى قصتهم) روى السدي عن أشياخه: أن الله تعالى أمر موسى أن يخرج ببني إسرائيل، وألقى على القبط الموت، فمات بكر كل رجل منهم، فأصبحوا يدفنونه، فشغلوا عن طلبهم حتى طلعت الشمس، قال عمرو بن ميمون: فلما خرج موسى بلغ ذلك فرعون، فقال: لا تتبعوهم حتى يصيح الديك، فما صاح ديك ليلتئذ. قال أبو السليل: لما انتهى موسى إِلى البحر قال: هيه أبا خالد [3] ، فأخذه أفكل، يعني: [1] إبراهيم: 6. [2] الفرقان: 45. [3] قوله «أبا خالد» كنية كنّى موسى بها البحر، انظر الطبري 905.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 63